من خلال مشاركتها اللافتة في معرض إكسبو دبي 2020 الذي افتتح اليوم، تؤكد موريتانيا إرادتها في أن تكون حاضرة بقوة في أبرز المحافل على الساحتين الإقليمية والدولية، وأن تعزز ظهورها عالميا وأن تنخرط بشكل فعال في الديناميكيات الكبرى لبناء شبكات التبادل والشراكات المستقبلية. ولذلك الغرض، فإنها تعبئ الدبلوماسية السياسية والتجارية والثقافية من خلال تضافر جهود شبكة واسعة من الفاعلين في القطاعين العام والخاص للتعريف بموريتانيا ماضيا وتلك التي يجري بناؤها، قصد تثمين تراثها التاريخي وقيمها التأسيسية، ولاستعادة مكانتها كملتقى طرق للتبادلات الإنسانية والثقافية والتجارية وكذا سالف إشعاعها وألقها.
وتشكل الدبلوماسية المؤثرة هذه، قطيعة كاملة مع سياسة الكرسي والجناح الشاغرين. وهكذا تركت الدبلوماسية الناعمة، والإجراءات المخملية، والاتصالات السرية مكانها حاليًا لمقاربات أكثر تكاملاً.
كما اتسع المجال الكلاسيكي للدبلوماسية ليشمل جميع القطاعات، خاصة منها الثقافة، والفنون والتجارة والرياضة. وفي هذا الاتجاه يجب من الآن فصاعدا أن تتضافر الجهود حتى نتمكن من اللحاق بركب الأمم.
وبدل الانزواء والانطواء، أصبح من الملح الانخراط بشكل عميق في نسيج التبادلات الدولية، والالتحاق بقاطرة الاقتصاد العالمي، وتنويع الشراكات، والاستفادة من تجربة وخبرة الآخرين، وامتلاك ناصية المعرفة والتحكم في المعايير: لقد أصبح من اللازم أكثر من أي وقت مضى استثمار جميع الفضاءات لغزو أسواق جديدة، وتوقع تطورها، وتكثيف الشراكات، والمشاركة بحزم في ديناميكية التنافسية الاقتصادية والتجارية، وهو شرط لا غنى عنه لتحسين قدرات قطاعاتنا الاقتصادية وتمكينها من ترك بصمة تنموية متناغمة ومستدامة، بما يتناسب مع المقدرات التنموية التي تزخر بها، والآمال المعلقة عليها والطموحات التي تثار لدى الفاعلين الاقتصاديين.
ومن خلال اتخاذ مقياس الاهتمام بالمشاركة النوعية في المعارض، وإصلاح مهرجان المدن القديمة، الذي سيعرف شكلا ومحتوى محليا جديدين، تعتزم السلطات العمومية الاستفادة على الوجه الأفضل من هذه الفضاءات لتعزيز نقاط القوة والمزايا التي يتيحها البلد، واغتنام جميع الفرص وتثمين كل المقدرات. وللقيام بذلك، فإن لدينا العديد من الوسائل: إرادة سياسية قوية، ومناخ أعمال ملائم، ونظام ضريبي تحفيزي، وجيل من رواد الأعمال الديناميكيين والمنفتحين على الحداثة، وموارد طبيعية متنوعة وإمكانات اقتصادية لا حصر لها. ينضاف إلى ذلك وجود إطار قانوني واضح ومواتٍ، ومشاركة قوية للقطاعين العام والخاص، وتوافر السوق المالية، وقبل هذا وذاك الحكامة السياسية والاقتصادية الجيدة.
كما أننا نتميز بموقعنا الاستراتيجي على ملتقى الطرق بين مجموعتين اقتصاديتين مهمتين هما اتحاد المغرب العربي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا؛ موقع تعززه الاتفاقيات والمعاهدات التي تربط البلاد بمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية وكذا الشراكة الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي.
وهذه كلها مزايا تساعد على تحسين القدرة التنافسية لشركاتنا، وزيادة قدرتها على التوسع وتقوية مكانتنا كوجهة آمنة للاستثمارات. هذه بالذات هي القاعدة الصلبة لدبلوماسية التأثير الفعالة من أجل رؤية أفضل للبلد وتقدير أكبر لإمكانياته. وسيكون معرض إكسبو 2020 دبي دون شك خير دليل على ذلك!

انواكشوط,  01/10/2021
الشعب